حياة الشقيري ( 1908 – 1980 )
محام فلسطيني ، وأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ولد في مدينة تبنين ، جنوبي لبنان ، حيث كان والده الشيخ أسعد الشقيري ، منفيا لمناهضته سياسة السلطان العثماني عبد الحميد ، وتسلطه . ثم انتقل ، وهو طفل , إلى مدينة طولكرم للعيش مع والدته ، وفي سنة 1916 انتقل إلى عكا ، حيث أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية سنة 1924 ، وأتم دراسته الثانوية في القدس سنة 1036 ، والتحق بالجامعة الأميركية في بيروت ، ولكنه طرد منها في العام التالي بقرار من سلطة الانتداب الفرنسي لمشاركته في قيادة مظاهرة ضخمة قام بها الطلاب العرب في الجامعة الأميركية بمناسبة ذكرى اليوم السادس من أيار . فعاد إلى فلسطين ، وأنتسب إلى معهد الحقوق في القدس يدرس ليلاً ويعمل نهاراً في صحيفة مرآة الشرق ، دون أن يشغله ذلك عن القيام بواجبه تجاه وطنه ، وبعد تخرجه من هذا المعهد عمل وتمرن في مكتب المحامي عوني عبد الهادي ، احد مؤسسي حزب الاستقلال في فلسطين ، وتعرف خلال هذه الفترة على عدد من رجالات الثورة السورية الكبرى الذين لجأوا إلى فلسطين ، ومنهم شكري القوتلي ورياض الصلح ونبيه العظمة وعادل إرسلان .
عاشت فلسطين في العشرينات والثلاثينات في هذا القرن ثورات متتالية ، كان أهمها الثورة الفلسطينية الكبرى وقد شارك الشقيري فيها مناضلا بلسانه وقلمه الانتداب البريطاني والصهيونية ، ومدافعاً عن المعتقلين والثوار الفلسطينيين إمام المحاكم البريطانية ، وحين انتهت تلك الثورات لاحقته سلطات الانتداب البريطاني فغادر فلسطين إلى مصر حيث أمضى بعض الوقت ، ثم عاد إلى فلسطين في أوائل الحرب العالمية الثانية فافتتح مكتباً كبيراً للمحاماة ، واختص عن الدفاع عن المناضلين الملاحقين وبقضايا الأراضي فعمل على إنقاذ قسم من الأراضي العربية ومنع تسربها إلى الصهوينين ، ولما تقرر تأسيس المكاتب العربية في عدد من العواصم الأجنبية برئاسة موسى العلمي ، عين الشقيري أول مدير لمكتب الإعلام العربي في واشنطن ، ثم نقل مديراً لمكتب الإعلام المركزي في القدس . وقد ظل على رأس عمله هذا ’ إضافة إلى المحاماة , إلى إن وقعت نكبة 1948 فاضطر إلى الهجرة إلى لبنان ، واستقر مع أسرته في بيروت .
قررت الحكومة السورية أن تفيد من خبرات الشقيري في مجال السياسة الخارجية في بعثتها إلى الأمم المتحدة ( 1949 – 1950 ) ، ثم عين أميناً عاماً مساعداً للجامعة العربية بوصفه يحمل الجنسية السورية ، وقد بقى في منصبه هذا حتى سنة 1957 حين عين وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة في الحكومة السعودية ، وسفيراً دائماً لها لدى هيئة الأمم المتحدة ، وكان الشقيري خلال وجوده في الأمم المتحدة خير محام عن القضية الفلسطينية ، وعن قضايا العب الأخرى ، ولا سيما قضايا المغرب والجزائر وتونس ، وفي 1963 أنهت المملكة العربية السعودية عمل الشقيري في الأمم المتحدة لخلافه مع وزارة الخارجية السعودية .
لم يبتعد الشقيري عن الحياة العامة ، فقد وقع اختيار الملوك والرؤساء العرب عليه ، فور عودته من الأمم المتحدة ، ليشغل منصب ممثل فلسطين في الجامعة الدول العربية , بعد وفاة ممثلها أحمد حلمي عبد الباقي ، ثم اتخذ مؤتمر القمة العربي الأول المعقود في شهر كانون الثاني سنة 1964 قراراً بتكليف الشقيري ، بوصفه ممثل فلسطين في الجامعة ، بإجراء اتصالات مع أبناء الشعب الفلسطيني حول إنشاء الكيان الفلسطيني على خير القواعد السليمة , والعودة بنتيجة اتصالاته وعودته ومساعيه إلى القمة العربي التالي ، فقام الشقيري بجولة بالدول العربية التي يعيش فيها الفلسطينيون , ووضع مشروع الميثاق القومي والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتم اختيار اللجان التحضيرية التي وضعت بدورها أسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول ( 28 آذار – 2 حزيران سنة 1964 ) الذي أطلق علية اسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول لمنظمة التحرير ، وقد انتخب هذا المؤتمر أحمد الشقيري رئيساً له , وأعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية ، وصادق على الميثاق القومي والنظام الأساسي للمنظمة ، وكلفه اختيار أعضاء هذه اللجنة وعددهم خمسة عشر ، كما قرر إعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً وإنشاء الصندوق القومي الفلسطيني
قدم الشقيري إلى مؤتمر القمة العربي الثاني ( 5/9/1964 ) تقرير عن أنشاء الكيان الفلسطيني , وأكد فيه الناحيتين التنظيمية والعسكرية للكيان ، من أجل تحقيق هدفي التعبئة والتحرير ، كما قدم إلى المؤتمر أعضاء اللجنة التنفيية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وقد وافق المؤتمر على ما قدمه الشقيري ، وعلى تقديم الدعم المالي للمنظمة .
تفرغ الشقيري لرئاسة اللجنة التنفيذية في القدس , ولوضع أسس العمل والأنظمة في منظمة التحرير الفلسطينية ، وإنشاء الدوائر الخاصة بها ومكاتبها في الأقطار الغربية وفي الجول الأجنبية ، وبناء الجهاز العسكري تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني ، وفي الدورة الثانية للمجلس الوطني الفلسطيني ( القاهرة 31 أيار – 4 حزيران 1965 ) بين الشقيري ما قامت به اللجنة التنفيذية برئاسته ، ومن ذلك إنشاء القوات العسكرية ، والصندوق القومي ، ودوائر المنظمة ومقرها العام في القدس ، ثم قدم استقالته ، فقبلها المجلس ، ثم جدد رئاسته للجنة التنفيذية ومنحه حق اختيار الأعضاء
وبعد عدوان حزيران سنة 1967 حدث تغير كبير على الساحتين العربية والفلسطينية ، كما قام تباين في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة التنفيذية ورئيسها ، فتقدم الشقيري في كانون الأول سنة 1967 باستقالته إلى الشعب العربي الفلسطيني ، وقد قبلت اللجنة التنفيذية تلك الاستقالة , وانتخبت عضو اللجنة التنفيذية يحيى حمودة رئيساً بالوكالة ، وأصدرت بياناً أعلنت فيها أنها ستعمل ، بالتعاون مع القوى الفلسطينية العاملة ، على قيام مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير تنبثق عنه قيادة جماعية مسئولة تعمل على تصعيد النضال المسلح وتوحيده ، وتحقيق الوحدة الوطنية وتعبئة الجهود العربية وتطوير أجهزة المنظمة .
رفض الشقيري ، بعد استقالته، أي منصب أو عمل رسمي ، وانصرف ألي الكتابة . فكان يقيم في منزله في القاهرة معظم أيام السنة ، وينتقل صيفا ألي منزله في لبنان .
لم يكن بيته في القاهرة يخلو من زائريه الفلسطينيين وعرب الأقطار الأخرى ، يتبادلون فيه الأحاديث ويديرون النقاش حول شتى القضايا العربية والدولية . وكان يؤكد دائما أن المساومات السياسية لن تحرر فلسطين ، وأن الكفاح المسلح هو وحده الطريق السليم للتحرير . كما كان يؤكد وجوب محاربة الإمبريالية الأمريكية باعتبارها الجهة التى ترتبط ارتباطا موضوعيا مع الصهيونية ( وإسرائيل ) ومخططاتهما ، وهى التى تعمل على فرض سيطرتهما على الأمة العربية ونهب ثرواتها. ويؤكد ضرورة استعمال النفط سلاحا من أسلحة التحرير ومحاربة الإمبريالية .
وقد عد توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية – الإسرائيلية ، وتطبيع العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني خيانة عظمى للقضية الفلسطينية والعربية ، لذلك غادر القاهرة إلى تونس 1978
وفاة الشقيري
أمضى الشقيري بضعة شهور في تونس حيث أصيب بمرض عضال نقل على أثره إلى مدينة الحسين الطبية في عمان وقد توفي فيها يوم 25/2/1980 ودفن –بناءاً على وصيته – في مقبرة الصحابي أبي عبيدة بن الجراح في الأردن على بعد أقل من 3 كيلومتر من حدود فلسطين المحتلة تلك المقبرة التي تضم عدداً من قادة الفتوحات الإسلامية ومنهم سعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة
مؤلفات الشقيري
خلف الشقيري ورائه عدداً كبيراً من الدراسات والمؤلفات تدور حول القضايا العربية والقضية الفلسطينية ومنها :
1) من القدس إلى واشنطن ( حول تجربته في المكاتب العربية )
2) قضايا عربية
3) دفاعاً عن فلسطين والجزائر
4) فلسطين على منبر الأمم المتحدة
5) حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء العربية
6) أربعون عاما في الحياة السياسية
7) مشروع الدولة العربية
من القمة إلى الهزيمة – مع الملوك والرؤساء العرب
9) إلى أين !!
المرجع : الموسوعة الفلسطينية – المجلد الأول ( 1 – ث )