موقع بلدة سلمة في العصور القديمة
لا نعرف متى وكيف بدأت الحياة أول ما بدأت في بلدة سلمة، ولكنه تم العثور في موقع البلدة على بعض الشواهد والآثار، التي تثبت بأن بلدة سلمة قد أقيمت على أنقاض بلدة أو بلدتين كنعانيتين، حيث أن الحجارة القديمة المتناثرة من بقايا تلك الأطلال كانت منتشرة في موقع البلدة، خاصة في المنطقة المحيطة بمسجد البلدة وضريح الصحابي سلمة بن هشام، وقد استعان أهالي بلدة سلمة في بناء بيوتهم القديمة بتك الحجارة، كما كان يوجد في الشمال الشرقي من بلدة سلمة بالقرب من مقام ولي الله الشيخ حسن، وبين بيت أبناء المرحوم مصطفى علي صالح، كهوف ومغاور وآثار فخارية ومعالم حياة قديمة، تؤكد جميعها أن هذه الأماكن كانت مأهولة سابقاً، بأقوام سكنوا وعاشوا في هذه الديار قبل نشوء بلدة سلمة بآلاف السنين.
بلدة سلمة في التاريخ المدون
ورغبة في الدقة والأمانة في نقل المعلومات نقتطف هذه النبذة التاريخية كما وردت في بعض كتب التاريخ:
(إلى الشرق من مدينة يافا تقع مقبرة الصحابي سلمة بن هشام المخزومي، حيث نشأت بالقرب منها بلدة سلمة، وفي أرض بلدة سلمة بالإضافة إلى ذلك، مقبرة النحام، التي تضم قبوراً كثيرة من أبطال المسلمين، الذين شهدوا معركة أجنادين، منهم ذلك الصحابي الجليل نعيم بن عبد الله النحام، وعبد الله بن عبد الزبير بن عبد المطلب، ابن عم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وطلب ابن عمير القرشي بن السيدة أروى بنت عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهشام بن العاص شقيق عمرو بن العاص، رضوان الله عليهم جميعاً، وقد كانت هذه القبور الأربعة ظاهرة ضمن حرم مسجد البلدة قبل توسيعه، ثم أزيلت بعد توسيع المسجد بحجة عدم جواز الصلاة في أي مسجد فيه معالم وشواهد للقبور).
سكان بلدة سلمة القدامى
بالرغم من المعارك الطاحنة التي دارت بالقرب من موقع بلدة سلمة، التي سبق الإشارة إليها وخاصة الحروب الصليبية التي استمرت بين مد وجزر زهاء (200) عام تقريباً، فمنذ سقوط بلدة يافا في عام 1099م في أيدي الصليبيين الفرنجة، وحتى تطهير آخر موقع من شراذمهم المحتلة على الساحل الفلسطيني وهو ميناء عتليت في (14) آب من عام 1291م على يد القائد البطل المسلم الخليل قلاوون المملوكي، وهذه المنطقة كانت مسرحاً للعمليات العسكرية المختلفة، مما كان له أكبر الأثر ولا وشك في إفناء وتشريد سكانها المحليين وطرهم بعيداً عن مناطق القتال. ولكن ما أن كانت تتوقف أو تنتهي تلك الحروب، حتى يعود أولئك الأهالي من سكان تلك المنطقة إلى معاودة العيش فيها واستئناف الحياة الإنسانية من جديد.
ولم يقتصر الأمر على الحرب فقط، إذ كانت الأقدار تخبئ المزيد من الويلات والكوارث لسكان تلك المنطقة، فقد شاءت الأمراض والأوبئة، أن تسهم هي الأخرى في الفتك بما تبقى منهم على قيد الحياة، وأن يكون لها دور هي الأخرى،وان تزيد الطين بلة فتنشر المزيد من البؤس الذي حاق بأهالي تلك المنطقة فتكاد تقضي على البقية الباقية من الحياة الإنسانية في تلك المنطقة، حيث كان لوباء الطاعون الذي تزامن مع حملة نابليون عام 1799م، وأسلفنا الإشارة إليها، دور مدمر في إزهاق الأرواح وحصدها حصداً، وبالرغم من جميع ما تقدم، فقد كانت إرادة الحياة أقوى من جميع الحروب والأوبئة، ولذلك ما أن توقفت الحروب وانتهت الأوبئة، حتى كانت الحياة الإنسانية تستأنف من جديد وتعود إلى مجراها الطبيعي، ولهذا فقد وجد محمد أبو نبوت بعد ثماني سنوات من انتهاء حملة نابليون ذلك الشيخ المبارك الذي كان يخدم ضريح سيدنا سلمة، ومعه أهله وبعض السكان القلائل الآخرين يعيشون في ذلك المكان – بلدة سلمة -.
ولهذا يمكننا القول، بأن عائلة آل الشيخ صالح أو آل أبو ربيع كما عرف اسم الفخذ الثاني منها وعائلة آل الهندي أو النجار كما عرف اسم الفخذين التي تتألف منهما هذه العائلة (علي اليوسف النجار) هما من أقدم العائلات التي عادت للعيش في موقع بلدة سلمة، بعد استقرار الأوضاع المعيشية فيها، وقد اصهر هاتان العائلتان مع عائلات الربع الأول من عائلات أهالي سلمة التي سوف نأتي على تفاصيل وأسماء عائلات أفراده وامتزجوا بهم وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ منهم.