تعاني البريطانية كارولين غيبونز (23 عاماً) حالة مرضية نادرة تسمى “تشوه أرنولد - شياري”، وهذه الحالة تجعل الجزء الأسفل من الدماغ البشري ضخماً للغاية، ما قد يحول دون انسياب السوائل نحو الرأس “عبر القناة النخاعية” . ونتيجة لهذه الحالة، تعاني كارولين ضبابية في الرؤية، وكلاماً متداخلاً وصداعاً نصفياً يعطل حركتها، وأي حركات مفاجئة تجعلها تشعر وكأن رأسها يوشك على القفز من مكانه .
كما أن أي حركات أو أفعال تؤدي لاهتزاز رأسها - كالقهقهة مثلاً - يمكن أن تجعل دماغها ينفتق نحو قمة قمة عمودها الفقري . وهو ما يزيد مخاطر تعرضها لوفاة مفاجئة .
وتقول كارولين: “في البداية لم أكن أعتقد أن حالتي تبدو سيئة للغاية، وأعتقدت أن الأدوية ستعالجها، ولكن حينما أخذت الأعراض تسوء، أدركت مدى خطورتها، ومن ذلك أن دماغي أصبح ضخماً جداً ولا يلائم جمجمتي .
وأضافت: “لم أعد استطع القيام بالأشياء الطبيعية التي يقوم بها الناس العاديون . ولا أستطيع أن أضحك “ضحكة مجلجلة” لأنني سأشعر بأن رأسي يوشك على السقوط . فإذا قهقهت عالياً وبشدة قد يتسبب ذلك في تكثيف الضغط، وتحريك رأسي نحو الأمام والخلف قد يتسبب في إصابتي بالإغماء، وربما في وفاتي أيضاً إذا كانت الحالة شديدة .
وتقول كارولين، إنها لم تكن تعلم بوضعها الصحي حتى تعرضت لإغماء وإعياء بعد عودتها من المدرسة الثانوية التي تعمل فيها، نهاية مارس/آذار من العام الماضي .
وتقول: إنها كانت تعاني نوبات صداع متكررة في الأيام التي سبقت “إغماءاتها، لكنها عزت ذلك لاحتياجها لكشف نظر جديد .
وفي أعقاب الإعياء المفاجئ الذي تعرضت له، حثتها والدتها على إجراء فحوص في قسم الطوارئ بمستشفى ساوثمبتون، حيث نُقلت على عجل لغرفة خاصة، لأن الأطباء كانوا في البداية متخوفين من احتمال إصابتها بالتهاب سحائي .
وبعد خضوعها لفحص بالأشعة المقطعية، وصف لها الأطباء مسكن “مورفين”، لمدة أسبوع، لتخفيف الألم الذي كانت تعانيه، ثم نُقلت لمركز أعصاب لمدة أسبوعين، لمتابعة حالتها .
وتقول كارولين: “كان نسيج الدماغ الفائض يعمل كسدادة تمنع تدفق سائل النخاع وهذا الوضع يسبب ضغطاً هائلاً على الدماغ .
وقد وجدت كارولين نفسها مضطرة لتعاطي تشكيلة من 50 عقاراً ومسكن ألم يومياً - بناءً على أوامر الأطباء - للتحكم في الضغط، وأرغمت على التخلي عن وظيفتها مدرسة بعد أن ساءت الأعراض التي تعانيها .
وفي 29 يوليو/تموز الماضي، خضعت كارولين أخيراً لعملية جراحية - بعد أن ألغيت مرتين - أزال فيها الجراحون جزءاً من عمودها الفقري، وشريحة مربعة بحجم 5 .2 سم من جمجمتها لإتاحة مساحة إضافية لدماغها الضخم . لكنها عانت ردة فعل تحسسية للرقعة الطبية التي استخدمت لسد الفجوة في جمجمتها، وعانت أيضاً من التهاباً سحائياً كيميائياً .
وقد ترك الأطباء كذلك جيباً من السائل في نخاعها، وقد تحتاج لعملية جراحية ثانية لتأهيل مجرى لتصريفه قبل أن تتمكن من أن تحيا حياتها الطبيعية . وهي تعاني حالياً أرقاً شديداً، يحرمها في بعض الأحيان، من النوم لمدة تصل إلى60 ساعة متواصلة .
وتقول كارولين: “أعيش في دوامة من الألم، هذه هي الأيام الأولى من رحلة شفائي التي آمل أن تكتمل، يبدو أن لا أحد يتفهم هذا المرض، أشعر حقيقة باليأس، لقد خسرت كثيراً من طبيعتي، وفي إحدى المرات اعتقدت امرأة في الشارع أنني ثملة، وصرخت عليَّ وأتمنى فقط أن تعالج العملية الجراحية القاسية، التي خضعت لها مشكلتي حتى أتمكن من الضحك مرة أخرى من دون تعريض حياتي للخطر” .
وتقول ماريسيا ديبيف التي تشرف على موقع إنترنت مختص بمرضى “تشوه أرنولد - شياري” إن هذه الحالة يساء فهمها وهي تصيب واحداً من كل 1000 شخص - رغم أن كثيرين لا يعانون مطلقاً أي أعراض - وتقتل 6 مرضى في كل عام .
وتقول ماريسيا ديبيف: “تشوه أرنولد - شياري، خلل كريه يجعل حياة المصابين به، كابوساً” .
وتضيف: “قد تستغرق العملية التي تخفف الضغط على الدماغ 12 شهراً لكي تحدث تأثيراً في المريض . ولا يوجد علاج أو سبب لهذا المرض ولذلك ثمة حاجة ماسة للمزيد من البحوث حوله”.