الكل يعرف شعور الغيرة المعذب عندما يحصل شخص آخر على شيء يرغب المرء نفسه في الحصول عليه. وتعتبر مشاعر الغيرة القليلة التي تنتاب المرء من الأمور الطبيعية للغاية. ولكن إذا زاد هذا الشعور عن الحد وأصبح خارج عن السيطرة فقد أن يؤدي إلى الكثير من المشكلات وإفساد العلاقات بين الأشخاص، خاصة في الأسرة أو العمل.
وأوضحت مستشارة التربية ماريا الصفتي يوتا من العاصمة الألمانية برلين، قائلة :"تنشأ الغيرة غالباً، عندما لا يتمتع المرء بقدر عالٍ من الثقة بالنفس، ويفكر دائماً بأن الآخرين أجمل أو أفضل أو أعظم منه. عندئد يشك المرء في نفسه وفي قدراته الذاتية أو في مدى حب الآخرين له". وفي حالة الغيرة بين الأزواج فإن العلاقة - على العكس من ذلك - تفتقر إلى الثقة اللازمة في شريك الحياة، وهذه الثقة يجب بناؤها من البداية، وهي تحتاج عادة إلى بعض الوقت.
وتلتقط يوتا شتيلر، الحاصلة على دبلوم في التربية الاجتماعية بمدينة ميونيخ جنوبي ألمانيا، طرف الحديث وتقول:"يتسم رد فعل الأشخاص دائماً بالغيرة عندما يكونوا غير متأكدين مما إذا كان شريك الحياة أو شخص آخر مهم مثل الأم أو الأب مازال يحبهم بالفعل، ومن هنا ينشأ الخوف من فقدان الشخص المحبوب، وهو شعور يتملك جميع الأشخاص".
وأوضحت إليزابيث رافاوف، الحاصلة على دبلوم في علم النفس بمدينة كولونيا غربي ألمانيا، قائلة :"إذا كانت مشاعر الغيرة قوية للغاية، فيبدأ الشخص الغيور في أغلب الأحيان في اتخاذ تدابير المراقبة". ومن ضمن هذه التدابير على سبيل المثال مراقبة الهاتف الجوال لشريك الحياة سراً. وإذا كان الوضع كذلك، فإن مشاعر الغيرة هذه ليست لها علاقة بالحب ولكنها ترجع إلى الشعور بعدم الأمان وانخفاض الثقة بالنفس أو بسبب المخاوف التي قد تعود على سبيل المثال إلى مرحلة الطفولة.
ومن خلال انعدام الثقة باستمرار والشكوك التي ليس لها أساس من الصحة تصبح مشاعر الغيرة من الوسائل القاتلة للعلاقات بين الأشخاص. ولذلك تنصح الخبيرة الألمانية يوتا شتيلر بأنه يمكن أو ينبغي على المرء الغيور جداً طلب المشورة أو المساعدة النفسية، "لأن الغيرة ليست من الصفات الفطرية للإنسان، ولكنها من الخصائص المكتسبة، وهذا يعني أنه يمكن تغيير التصرفات والسلوكيات". ومن ثم فإن الشخص الغيور جداً يمكنه تعلم ألا يكون كذلك، أو على الأقل ألا يكون بنفس درجة الشدة.
ومن الأمور المفيدة أيضاً في حالة الغيرة أن يتم التحدث مع صديق أو شخص موثوق حول هذا الموضوع، كما ينبغي بصفة خاصة التحدث مع الشخص المعني نفسه حول مشاعر الغيرة هذه، حيث تنصح أخصائية علم النفس إليزابيث رافاوف، قائلة :"ينبغي على المرء أن يفصح عما يقلقه"، ومن خلال ذلك يمكن التغلب على بعض الأفكار المسببة لمشاعر الغيرة.