في اللحظات الأخيرة التي سبقت اقلاع طائرة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، من مطار بن غوريون الدولي، في طريق عودته الى بلاده بعد زيارة لاسرائيل والاراضي الفلسطينية استغرقت 3 ايام، عمت الفوضى وحالة من الهلع والرعب في اوساط القادة والمساعدين ورجال الأمن من اسرائيليين وفرنسيين الذين تواجدوا على ارض المطار لوداع الضيف وزوجته. وسبب هذا الهلع والفوضى هو حادثة اطلاق نار من جندي لم يكشف عن اسمه، كان يقف على بعد مسافة تتراوح ما بين 100- 200 متر من طائرة الرئاسة الفرنسية.
وساعد الاعتقاد لدى الجميع بداية، ان اطلاق النار كان محاولة اغتيال اما للضيف وزوجته أو للرئيس الاسرائيلي، شيمعون بيريس، أو رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت.
وظلت الفوضى سيدة الموقف ولم تهدأ الأوضاع إلا عندما أعلنت الشرطة الاسرائيلية ان جنديا اختار الانتحار في هذا الموقف بالذات.
ووقعت حادثة اطلاق الرصاص او بالاحرى رصاصة واحدة، بعد ظهر أمس، عندما كان الرئيس ساركوزي وزوجته، قرب سلم الطائرة، يصافحان الرئيس الاسرائيلي ورئيس وزرائه قبل الصعود الى الطائرة، وبينما كانت الفرقة الموسيقية العسكرية تعزف السلام الوطني.
ولم يسمع الزعماء اطلاق النار بل رجال الامن المتأهبين الذين اندفع الفرنسيون منهم برئيسهم وزوجته الى داخل الطائرة، والاسرائيليون ببيريس وأولمرت الى السيارة الرئاسية المصفحة. وانطلق رجال الأمن والمخابرات في جميع الاتجاهات شاهرين اسلحتهم المختلفة، بحثا عن مصدر اطلاق الرصاص.
وشكا حراس اولمرت من شدة برودة تصرفاته، إذ رفض أوامرهم في الاستعجال. ودخل الى السيارة بهدوء أثار عصبيتهم. وأما بيريس فقد دفعه حراسه الى اتجاه آخر نحو سيارة مصفحة أخرى، يحيط به كل من مساعده الأول يورام دوري وسكرتيره العسكري، العميد شيمعون حيفتس.
وعندما اطمأن رجال الأمن بعد دقائق فقط الى ان المسألة ليست محاولة اغتيال لأحد الرؤساء، سمحوا لبيريس وأولمرت بالصعود الى طائرة الرئاسة الفرنسية لوداع ساركوزي وقرينته من جديد.
وحسب مصدر مقرب من بيريس فإنه أبلغ ساركوزي ان هذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها لمثل هذا الموقف. ففي الحادثة التي قتل فيها رئيس الحكومة الأسبق، اسحق رابين، كان بيريس يرافقه. وقد سبق بيريس رابين في مغادرة المكان. وعندما كان بيريس على بعد عشرين مترا من رابين، أطلق القاتل يغال عمير رصاصته القاتلة، وانقض عليه حراسه وحملوه الى الخارج.
وقال متحدث باسم امن الرئاسة «ان رجال الامن بتصرفهم اتبعوا اجراءات الطوارئ. وبعد انكشاف الامر سمح لبيريس واولمرت بالصعود الى طائرة ساركوزي لتوضيح الامر له ووداعه.
وتبين في التحقيق الأولي ان جنديا مما يسمى بحرس الحدود وهو في الرابعة والثلاثين من العمر واب لثلاثة اطفال، هو الذي أطلق الرصاص وهوى من على السطح. وهرعت سيارة اسعاف الى مكان الحادث لانقاذه لكن بدون فائدة وتوفي على ارض المطار. واصابت حالة الرعب هذه شرطيتين بحالة اغماء.
وتعتقد الشرطة ان الجندي وضع حدا لحياته، ولكنها لا تستبعد أيضا أن يكون قد سقط من على السطح من غير ارادة. وقال متحدث باسمها «ان الانتحار هو السبب الارجح لوفاة الجندي الذي اصيب برصاصة من رشاشه بينما كان يقوم بعملية الحراسة». وشدد المتحدث على ان التحقيقات لم تنته بعد. وما نقوله الان هو معلومات اولية حصلنا عليها من مسرح العملية وما زال التحقيق جاريا.
يذكر ان المخابرات الاسرائيلية، ومن دون اعطاء أي تفسير، منعت الصحافيين، أمس، من دخول المطار لتغطية طقوس وداع ساركوزي. ولم يفدهم الاحتجاج، وأدى ذلك الى حرمانهم من تغطية الحدثين معا، مما زاد في غضبهم وجعلهم يهددون بمقاطعة مكتب رئيس الحكومة.