يُعَدُّ كتابُ الأمير.. لمكيافيللي من أروع وأجمل الكتب التي ظهرت في القرن السادس عشر عام 1531، وقد ظهرت بموافقة البابا كليمنت السابع.. وعند ظهور هذا الكتاب وغيره من مؤلفات مكيافيللي سواءً في إيطاليا أو فرنسا أو ألمانيا أو أسبانيا أو البرتغال أو إنجلترا كانت هناك ضجة هائلة يشترك فيها البروتسانت والكاثوليك على حدٍ سواء؛ مما أدى في عام 1559 إلى وضع هذا الكتاب وجميع مؤلفات مكيافيللي في قائمة الكتب الممنوعة؛ وذلك لسوء فهم هذه الكتب.. ولكن ليس ثمة شك في أن الإدانة في قضية مكيافيللي كان لها ما يبررها تمام التبرير، ولا تُوْضَعُ الكتب عادة على قائمة الكتب المحرمة لمجرد احتوائها على أخطاء في الدين أو الأخلاق بل إنها قد تكون أحيانًا ذات نزعات خاصة، وتؤدي قراءتها إلى الأذى والضرر، والهدف الأساسي الذي دفع مكيافيللي إلى تأليف هذا الكتاب وهو أنه يقصد تعليم الأمراء والمرشحين للإمارة والسلطان كيف يسيطرون على الحكم بالعصا والكرباج.. كيف يغدون من الجبابرة والطغاة..؟ كيف يستطيعون تثبيت أقدام عهودهم ولكن هذا الهدف مشكوك في صحته؛ إذ إن الحقيقة أن هذا الكتاب ينطوي على أشياء يفيد فيها الحاكم المطلق – والحاكم الطاغية، وقد قامت الأدلة على هذه الصحة؛ إذ إن بعض الحكام من أمثال شارل الخامس ملك أسبانيا، وكاترين دي ميش زوجة هنري الثاني ملك فرنسا ووزرائها الذين تحمَّسوا أشد الحماس للكتاب وشجَّعوا طبعه وتوزيعه وانتشاره في جميع البلاد، ولا يمكن الشك في أن عدد من الطغاة الميالين للحكم حكمًا استبداديًا هم الذين استفادوا من هذا الكتاب منذ أن جاء به توماس كورجر وهو من أكبر وزراء الملك هنري الثامن وأشد المعجبين بمكيافيللي، وقد استطاع ذلك الملك إقامة الحكم الفردي في شئون الدولة والكنيسة الذي مارسه، والذي كان كروميك نفسه مسئولاً عنه إلى حدٍ بعيد.
وقد عُثِرَ على الكتاب في جيبي الملك هنري الثالث وهنري الرابع ملكي فرنسا عند قتلهما، كما أعجب بالكتاب أيضا الكردينال ريشيليو وهو من أكبر الطغاة في تاريخ فرنسا في عهد الملك لويس الثالث عشر.