في معرضه بمركز الحسين الثقافي: يوسف ابو اصبع يؤنسن الوردة ويبث موسيقاها في الصورة
الدستور - محمد العامري: الوجه الاخر هو المعرض الفوتوغرافي الشخصي الاول للدكتور يوسف ابو اصبع الذي افتتحه مساء اول امس الشاعر حيدر محمود في مركز الحسين الثقافي حيث نلحظ ان اعمال ابو اصبع تذهب من طبقات الطب الى فسحة الموسيقى، موسيقى البصر والبصيرة في حالاتها الانسانية الحميمة، تلك هي حالة ابو اصبع الذي عمل بهدوء في التقاط صورة عبر رحلاته الى الطبيعة الاردنية والطبيعة في رحلاته الى هذه المناطق وهذه الطبيعة في حالة اشبه بمزاج المحارب الذي يستريح على ضفة الجمال بعيدا عن الامصال وانين المرضى، الانين الذي حمله لانين الوردة وروحها التي تبث فرحا خاصا في حياة الارض، كما لو ان الوردة خلقت كعطر لهذا الكوكب كوكبنا الذي حمل فوق جسده كل التناقضات .
معرض (الوجه الاخر) ادهاش في حياة الطبيب المبدع يوسف ابو اصبع الذي اتصف بالرقة والهدوء والروحانية، تلك الصفات التي وجدها متوافقة وروحه في حياة الزهور وتحولاتها الجمالية فقد كنت المشجع الاول لان تخرج هذه الابداعات الى الناس.
اما هذا المعرض هو قطرة بسيطة في بحر من اللقطات المخبأة لدى ابو اصبع، طبيب فنان يعمل بصمت يؤجج عاطفة الوردة ليقدمها لنا نظيفة ويانعة، يدخل عبر عدسة الكاميرا الى احشائها ويقلب ما فيها في صورة اللون والخط والظلال، لنكتشف صورة الزهرة من جديد فتارة نجدها اشبه بجنين راقد في رحم امه او كبلور منثور في فضاء غامض .
وفي مشهد اخر سجادة من العطر، هذه الفوتوغرافيات رحلة بصرية في عالم كنا نراه بصورة مختلفة، لنتعرف عليه من جديد كما لو اننا نجهل الوردة، نعم لقد كشف ابو اصبع عن المشهد الغائب في روح الزهرة وجسدها، فمعظم تكويناته في موضوعة الزهرة تحيلنا الى فكرة العناق والتلاقي، فكرة اشبه بالبحث عن رحم عطري ندخله بخفة مدهوشين برقته وذكاء تكويناته وصولا لرصد غبار الوردة، نعم لمست غبار الوردة وزغبها المبثوث على عنق الوردة، لقد عكست تلك التكوينات هواجس ابو اصبع في النظر الى الوردة بوصفها كائنا انسانيا ممسوس بالعاطفة، عاطفة الطبيعة وتصالحها، مع المحيط والخير، فاعماله رسالة جمالية تدعونا لنتشابه مع الورد ونصالحه في الفضاء الخارجي والمنزل، وعلى صعيد اخر نجد ان العرض يطرح بشكل واضح مرجعيات الفنون الاسلامية وتجلياتها في الطبيعة حيث نشهد الزخارف التكرارية الطبيعية في جسد الوردة، وكذلك اشكال النجوم والتماثل في حركتها داخل مشهد الصورة واتذكر هنا مرجعيات فنان (الاوب ارت) فيكتور فازرللي الذي وظف جماليات الخطوط في الحشرات والحمار الوحشي ليشكل مدرسة فنية مهمة، معرض (الوجه الاخر) دراسة جديدة في الاحالات الفنية الزخرفية المتواجدة داخل الطبيعة، حيث نشهد تكرارات الدوائر وانتظام الدرجات اللونية وايقاعات زهرة الفتنة وصولا للزهور الشوكية، فقد اخذ الزهرة الشوكية من عدائيتها لتنتظم في مجالات موسيقية ناعمة، اشبه بخيوط تتوالى في التتابع والدورات في شكل الدائرة كما لو انها كواكب لها مساراتها الهندسية المتناسقة، هذا المعرض نزهة بصرية تبعث الى تنظيف العين من درن المشهد الصناعي.