اعداد مديرية التوجيه المعنوي:
تعد معركة الكرامة التي سطرها نشامى الجيش العربي في الحادي والعشرين من اذار عام 1968 صفحة من صفحات الكبرياء الاردني ورمزاً من رموز التضحية والفداء ومفصلاً هاماً في تاريخ الوطن والأمة .
فقد كان النشامى على موعد مع النصر فكان فجر هذا اليوم زاهراً بالمجد والبطوله فجراً جديداً نسجت خيوط شمسه نزالات الابطال في ساحات الوغى فبددوا بهذا النور البهي ظلمة النكسة وتجاوزوا عقدة الهزيمة والخوف .
نشامى تنادوا للواجب عبر أجهزة اتصالاتهم المختلفة والمؤذن يعلن عبر فضاءات الكون ولادة يوم من أيام مؤتة وعين جالوت وحطين وهو يردد (الله اكبر الله اكبر) ليتردد صداها عبر السهول والجبال وتنهض الأسود من خنادقها زائرة وملبية للنداء (ان طاب الموت يا عرب) .
نفوس تشوقت لبلوغ المعالي وعيون يقظى على حدود الوطن وكرامة أهله وقلوب مؤمنة بقضاء الله ونصره واعناق تطاول عنان السماء لا تنحني إلا لله عز وجل .
رجال اعادوا مجد الأمة وتاريخها الحافل بالبطولة والتضحيات , رجال خالد بن الوليد وأبي عبيدة" رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" الواحد منهم بالف رجل لا " ألف يمر بلا عداد".
رجال حملوا هم الامة وكرامتها وهم ينازلون الاعداء وصوت الحسين رحمه الله يجلجل عالياً في المكان وعبر الزمان ( قولوا للإنسان العربي أن في الأردن شعباً نذر نفسه من أجل أمته وقضيتها وجيشاً يلقى أبناؤه الموت بصدورهم وجباههم وحسيناً عاهد الله والوطن أن يعيش للأمة والقضية وان يموت في سبيل آخر ذرة من حقنا المقدس واصغر حبة تراب من ثرانا الطهور) يمدهم بالعزم والمعنويات ويشد على أيديهم وهو العالم بهم وبما تربوا عليه من الشهامة والنخوة والشجاعة" .
رجال شيدوا للأمة وللأجيال من بعدهم جسراً يعبرون من خلاله الى غد مشرق عابق بالمجد والتضحية وياخذوا من تاريخ الآباء والاجداد الخالد القدوة والمثل في العزم والتضحية على تحقيق الغايات النبيلة والاهداف العظيمة.
لقد تعالت صيحات البطولة لتمتزج واهازيج الفرح التي تجاوز مداها كافة ارجاء الوطن لتقابل بزغاريد النشميات وقد نسجن عباءة العز والكبرياء وهن يودعن فلذات الاكباد والازواج والاشقاء وقد وهبنهم لله وللوطن وللملك على خطى أم سلمة والخنساء وغيرهن من المسلمات الصابرات.
راية عز ومجد وفخار وعنوان كبرياء وغنوة انتصار , أحيت آمال العرب وقدمت لهم القناعة الاكيدة بأن النصر وتحقيق الفوز ليس ضرباً من المستحيل.
أهداف العدو من المعركة
............................
لم تكن بداية معركة الكرامة كما هو معلوم الساعة .3ر5 في يوم 21 اذار 1968 فقد سبق ذلك قيام إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة من قصف جوي ومدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال اسابيع عديدة ومهدت لذلك ايضا باستعداد واسع النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية ارادت من وراء ذلك تغيير الوضع العام في المنطقة والنيل من الصمود الاردني العنيـد.
وكان الاردن قد شارك الدول العربية في حرب عام 1967 حيث كانت حربا غير متكافئة وعلى اثرها تم احتلال الضفة الغربية وبقي موقف الاردن صلبا لم تؤثر فيه نتيجة هذه المعركة وقامت اسرائيل بعدة محاولات لجر الاردن الى المفاوضات دون جدوى فقامت اسرائيل بعملية الكرامة وكان هدفها اخضاع الاردن ليقبل الاستسلام بالامر الواقع والوصول الى تسوية سلمية على حساب الامة العربية.
وتتلخص اهداف اسرائيل في غزوها للارض الاردنية بما يلي:
أ. اراد العدو من المعركة تحطيم القيادة الاردنية وقواتها والثقة بنفسها بعدما فوجئ بالوضع الذي نشأ نتيجة لحرب حزيران وهو رفض الأردن نتائج هذه الحرب حيث بقي صامدا ثابتا بحيويته ونشاطه وتصميمه على الكفاح من اجل ازالة آثار العدوان وكانت القيادة الاسرائيلية تعتقد ان الجيش الاردني يعيش مشتتا بعد حرب حزيران فأخطأت التقدير لان القيادة الاردنية قادرة على اعادة التنظيم وبسرعة فائقة واحتلت مواقع دفاعية جديدة على الضفة الشرقية لنهر الاردن لتبقى روح القتال والتصميم على خوض المعركة في أعلى درجاتها وظهرت في صمود اردني رائع .
ب. مع ان العدو اعلن انه قام بالهجوم لتدمير قوة المقاومين العرب الا ان الهدف مغاير تماما لهذا الاعلان فالهدف كان احتلال المرتفعات الشرقية من المملكة (البلقاء) والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الاردنية لقبول شروط الاستسلام التى تفرضها اسرائيل والعمل على توسيع حدودها بضم اجزاء جديدة من الاردن لتحقيق احلامها المنشودة (من الفرات الى النيل) .
ج. محاولة التشبث في ارض شرقي نهر الاردن بقصد المساومة عليها وذلك نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات الأردنية ولزيادة العمق الاستراتيجي الاسرائيلي .
د. ضمان الامن والهدوء على طول خط وقف اطلاق النار مع الاردن .
هـ. توجيه ضربات مؤثرة وقوية للقوات الاردنية التي كانت توفر الحماية للمقاومين العرب.
و. زعزعة الروح المعنوية والصمود لدى الاردنيين القاطنين في منطقة الاغوار من أجل نزوحهم من اراضيهم ومزارعهم ليشكلوا اعباء جديدة على الدولة وحرمان المقاومة العربية من وجود قواعد لها بين السكان في المنطقة .
ز. المحافظة على الروح المعنوية للجيش والشعب الاسرائيلي لأن اغلبية هذا الشعب غير متجانس من حيث التركيبة السكانية التي جاءت على شكل هجرات صهيونية الى ارض فلسطين ويتخوف من احاطة العرب به فأراد العدو ان يقوم بهذه العملية لازالة حالة الرعب السائدة بين قطاعات الجيش والشعب اليهودي.
ح. اطماع اسرائيل بالمرتفعات الشرقية من الناحية العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية فمناطق الاغوار غنية بالمصادر المائية والزراعية.
وصف مكان المعركة:
لموقع معركة الكرامة اهمية من الناحية الدينية فهي تمثل ارض الرباط في سبيل الله ضمن منطقة بلاد الشام امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( بلاد الشام في رباط الى يوم القيامة ) بالإضافة إلى العديد العديد من المساجد واضرحة الصحابة رضوان الله عليهم في منطقة الغور مثل أبو عبيدة عامر بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ومعاذ ابن جبل وابنه سليمان .
اما اهمية هذه المنطقة الجغرافية والاستراتيجية فانها تشكل نقطة المركز في قلب الوطن العربي فهي اشبه ببوابة تعبر منها الجيوش الذاهبة الى فلسطين سواء كانت هذه الجيوش قادمة من الشرق او الغرب ، الشمال او الجنوب.
ومنطقة غور الاردن منطقة منخفضة تقع بين سلسلتين جبليتين متناسقتين هما سلسلة الجبال الغربية وسلسلة الجبال الشرقية ويقال انهما كانتا كتلة واحدة وفي العصر الجيولوجي الثالث حدثت حفرة الانهدام التي تشكل من جرائها غور الاردن .
ومنطقة الغور غنية بالمصادر الزراعية والمائية والاشجار فتنتج الخضروات والفواكه وهي مناطق رعوية جيدة اما مصادرها المائية فيها نهر الاردن – بحيرة طبريا – البحر الميت وقناة الغور الشرقية بالاضافة الى العديد من العيون المائية والبرك والابار وتتوفر الاسماك والماشية بمختلف انواعها , فالغور عصب الحياة الزراعية والاقتصادية بالنسبة للاردن .
يقع في الغور طريق عرضاني واحد يمتد من الحمة الاردنية وحتى العقبة اما الطرق الواصلة بين المرتفعات الشرقية والغربية فهي الجسور ( جسر الملك حسين ، وجسر الملك عبدالله ، وجسر الامير محمد ) وتتميز المنطقة بشقيها الشرقي والغربي بصعوبة المواصلات ووعورة المسالك والارتفاعات الشاهقة ووجود الاشجار والمقاطع الخضرية المنحدرة , وهي منطقة استراتيجية حيث مكامن الافراد ضد الاليات واعاقة حركتها في حال أي تقدم من قوات العدو كما حدث في معركة الكرامة .
موقف الطرفين من المعركة:
أ. القوات المسلحة الاردنية. فرقة مشاة كانت مؤلفة من اربعة الوية مشاة ولواء مدرع وكتيبة دبابات مستقلة مع اسلحة الاسناد القياسي.
ب. القوات الاسرائيلية :
(1) قوات راس الجسر
- لواء الدروع / 7
- لواء الدروع / 60
- لواء المشاة الالي / 80
- لواء المظليين / 35
- عدد من طائرات هيلوكبتر لانزال المظليين على الكرامة
- خمس كتائب مدفعية
- قوات الهجوم الرئيسي تتالف من فرقتين احداهما مدرعة والاخرى آلية وقد احتشدتا في منطقة اريحا بانتظار عملية راس الجسر.
الموقف العام قبيل المعركة :
لم تبدأ معركة الكرامة ساعة بدء الهجوم التي حددها الاسرائيليون واخذت طلائعهم تعبر النهر بل بدأت في اللحظة التي توقفت فيها حرب حزيران 1967 ففي الوقت الذي بدأت فيه القيادة العامة الاردنية تعيد تنظيم قواتها وتأخذ خطا ً دفاعياً جديدا ً بوقف الزحف الصهيوني على الارض العربية بدأ العدو غاراته الانتقامية ضد الاهداف المدنية , فقتل الابرياء ودمر المنازل واتلف المزروعات فقد خططت اسرائيل للهجوم على جبهة واسعة والاختراق في النقاط الضعيفة ثم الاندفاع لتأمين الاهداف الحيوية التي تناسب استراتيجيتها .
وقبل المعركة بأيام دعا الحاكم العسكري الاسرائيلي في الضفة الغربية رؤساء البلديات وابلغهم بانهم مدعوون للغداء معه في عمان وهكذا كانت القوات الاسرائيلية بشوق للقاء الجيش العربي وخاب ظنها وتلقت درسا لن تنساه .
وفي 14 آذار عام 1968 وصلت القيادة الاردنية معلومات تفيد بوجود حشود معادية على طول الواجهة الاردنية من طبريا شمالا حتى غور الصافي جنوبا وفي الايام التالية ضاعف العدو من نشاطاته في الكشف والاستطلاع والتصوير مع وجود نشاط مكثف على واجهة الفرقة الاولى في القطاع الاوسط وكانت الفرقة تدافع بثلاثة الوية في الامام ولواء مدرع احتياط حيث كانت القوات الاردنية في مرحلة اعادة التنظيم ينقصها السلاح والذخيرة والمعدات .
ازداد الموقف وضوحا في الايام التالية ، حيث اصدرت مديرية الاستخبارات العسكرية الاردنية تقريرا مفصلا بينت فيه حركات العدو ونواياه المحتملة وفي يوم 20 آذار 1968 جمع قائد الفرقة الاولى قسم أمره ، وشرح لهم الموقف كاملا واكد ان العدو يعد لعدوان جديد قريب جدا وطلب اتخاذ التدابير الكفيلة بهزيمة العدو ومنعه من تحقيق مقصده .
وكانت الفرقة تدافع بلواء القادسية على محور العارضة ولواء الاميرة عالية على محور وادي شعيب ولواء حطين على محور ناعور واللواء المدرع / 60 احتياط في الخلف وكتيبة دبابات موزعة على قوات الحجاب في الامام .
وكانت خطة العدو تقضي بان يسلك الطرق التي تمر فوق الجسور الثلاثة وتؤدي الى الضفة الشرقية وهي :
أ. جسر داميا ( الامير محمد وتؤدي الى المثلث المصري ثم يتفرع منها طريق مثلث العارضة – السلط – عمان وطريق ترابي من مثلث المصري – عين فنوش – الصبيحي –السلط – عمان وطريق اريحا .
ب. جسر الملك حسين ( اللنبي ) – الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان واخيرا مثلث النبي موسى – اريحا .
ج. جسر الامير عبدالله ( سويمة ) – ناعور عمان .
غابت شمس يوم 20 آذار وحل الهدوء الذي يسبق العاصفة وكل ضابط وجندي يرقب بدء المعركة بفارغ الصبر .
وتحت جنح الظلام كانت فوهات البنادق وسبطانات المدافع الاردنية صامتة مستعدة للانطلاق عند سماع كلمة ( ارم ) وكانت عيون الجنود والضباط تشع بالترقب كلما اقترب الفجر المصبوغ بلون الارجوان واتجهت القلوب والافكار الى الغرب متشوقة إلى ما يخبئه القدر وكان الكل يصلي ويدعو الله ان يمنحه الشهادة والنصر لجيشه واشتد الصمت وتثاقل على قلوب الابطال حتى كاد كل جندي يهمس متى تاتي المعركة.
سير احداث المعركة:
محاور القتال:
دفعت القيادة العسكرية الإسرائيلية بقواتها في هجوم مكثف صباح يوم 21 آذار الساعة 5.30على ثلاثة محاور هي :
أ. محور جسر الامير محمد – المثلث المصري – العارضة .
ب. محور جسر الملك حسين – طريق ناعور .
ج. محور جسر الامير عبد الله – الشونة الجنوبية .
د.بالاضافة الى محور رابع جنوب البحر الميت للتضليل هو محور غور الصافي محاولة بذلك تشتيت القوات الاردنية .
العمليات القتالية سير احداث المعركة:
اقتحمت القوات الاسرائيلية مع انبثاق فجر الخميس 21 آذار ضفة النهر ونسوا ان هناك على الضفة الاخرى رجالا اشداء ذو بأس وعزيمة قوية محققين قول الله تعالى ( يا ايها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) .
صبيحة يوم 21 آذار بدأ هجوم العدو بعد قصف تمهيدي ثقيل ومركز على طول الواجهة وقد نفذ العدو عمليته على ثلاثة محاور رئيسية هي محور العارضة ومحور وادي شعيب ومحور سويمة.
أ. القتال على محور العارضة:
(1) استطاعت القوات الاسرائيلية على هذا المحور اجتياز جسر الامير محمد وعبور نهر الاردن تحت ستار نيران كثيفة جدا من جميع اسلحة المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة وبعد عبورها مباشرة اصطدمت بقوات الحجاب الاردنية وشوغلت بنار المدفعية الثقيلة ولكنها بالرغم من الاصابات المبرحة بين صفوفها استطاعت اختراق الحجاب واستمرت في الاندفاع نحو الشرق وقبل ان تصل الى تقاطع المثلث المصري كانت مجبرة على التوقف واعادة التنظيم بسبب القصف المستمر من القوات الاردنية .
(2) وخلال تلك الفترة حاول العدو مد جسرين متحركين قرب جسر الامير محمد المدمر الا ان قصف المدفعية الشديد حال دون ذلك واخذ العدو يقصف جميع المواقع والمراكز الدفاعية للجيش الاردني بالطائرات والمدافع والدبابات محاولا مرة اخرى التقدم نحو المرتفعات الشمالية لكن دون جدوى لصمود المقاتلين الاردنيين واستماتتهم على ارض وطنهم وعند الظهيرة صدرت الاوامر بالتراجع الى غربي النهر ليترك العدو العديد من الخسائر في المعدات والارواح .
ب. القتال على محور وادي شعيب:
(1) كان الهجوم الرئيسي بشكل شديد وزخم وموجه نحو الشونة الجنوبية وكانت قواته الرئيسية المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور الذي يمكن التحول منه الى بلدة الكرامة والى الرامة والكفرين جنوبا واستخدم العدو في هذه المنطقة لواءي مشاة آلي مسندة بالمدفعية والطائرات .
(2) وفي بداية القتال على هذا المحور دفع العدو بفئة دبابات عبر جسر الملك حسين واشتبكت مع قوات الحجاب القريبة من الجسر الا ان قناصي الدروع الأشاوس تمكنوا من تدمير تلك الفئة وبعدها قام العدو بقصف شديد ومركز على المواقع الاردنية ودفع بكتيبة وسرية محمولة وتعرضت تلك القوة الى قصف مدفعي مستمر تمكنت من الحد من اندفاعه الا انه دفع بمجموعات اخرى من دروعه ومشاته وبعد قتال مرير استطاعت هذه القوات التغلب على قوات الحجاب ومن ثم تجاوزتها ووصلت الى مشارف بلدة الكرامة من الجهة الجنوبية والغربية حيث اصطدمت مع قوة الحجاب المتواجدة في البلدة واستطاع الاسرائيليون اختراق هذه القوة والتحرك باتجاه البلدة مدمرين جميع الابنية في اماكن تقدمهم ، وقد قام الاسرائيليون بإنزال الموجة الاولى من المظليين شرقي الكرامة لكنها تكبدت خسائر كبيرة ثم قاموا بانزال اخر وتمكنت هذه الموجة من دخول الكرامة وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة وقاتلت السكان وقوة الحجاب من شارع الى اخر ومن بناية الى اخرى وبعد هجوم معاكس من القوات الاردنية على قوات العدو في الكرامة وحيث اشتدت ضراوة القتال في المنطقة طلب العدو وقف اطلاق النار الا أن القائد الأعلى المغفور له جلالة الملك الحسين لم يوافق على طلبهم وبدأ العدو الانسحاب وتمكنت القوات الأردنية من التدخل في عملية الانسحاب وحولته الى انسحاب غير منظم فترك العدو عددا من آلياته وقتلاه في أرض المعركة .
ج . القتال على محور ناعور:
حاول العدو القيام بعملية عبور من هذا المحور وهو جسر الامير عبدالله باتجاه ناعور عمان وحشد لهذا الواجب قوات مدرعة ممهدا لاندفاعه هذا بحملة اعلامية مستخدما المنشورات التي كان يلقيها على السكان من الطائرات والتي تدعوهم الى الاستسلام وعدم المقاومة كما قام العدو بعمليات قصف جوي مكثف على مواقع قواتنا بالاضافة الى المراكز والمخافر والمباني الآهلة بالسكان، إلا أن قواتنا تمكنت من الحيلولة دون تحقيق هدفه ودمرت له القسم الاكبر من معدات التجسير والاليات الا ان قوات العدو والتي اتت من محور وادي شعيب جعلت قواتنا في موقف حرج اذ كانت قوات الحجاب بين تلك القوات وبين النهر وكان لمقاومة قواتنا بالمدفعية ونيران الدبابات واسلحة مقاومة الدروع الاثر الاكبر في ايقاف تقدم العدو .
حيث واجه العدو في كل موقع وموقف مقاومة شديدة نتج عنها خسائر كبيرة بين صفوفه رغم تفوقه بالعدد والعدة مما حدا به الاستعانة باحدى قواته المحمولة جواً للتقليل من شدة المقاومة والخسائر.
د. القتال على محور غور الصافي:
قام العدو بحشد بعض القطعات في هذا المحور للتضليل وتشتيت الجهد وانزل بعض قواته بالطائرات العمودية الا انها واجهت مقاومة عنيفة اجبرتها على الانسحاب.
لقد صدرت الاوامر الى القوات الاسرائيلية المهاجمة بالانسحاب حوالي الساعة 1500 بعد ان رفض جلالة الملك الحسين وقف اطلاق النار ولم تنته عمليات الانسحاب للقوات الاسرائيلية المؤلفة من 15 الف مقاتل حتى الساعة 2030 مساء نظراً للصعوبة التي عاناها الاسرائيليون في التراجع وبفضل القصف المركز من جانب القوات الاردنية.
الهجوم المعاكس :
عندما شعرت القيادة الأردنية بان قوات العدو فقدت زمام المبادرة اصدرت اوامرها الى اللواء المدرع / 60 للقيام بعملية الهجوم المعاكس لطرد العدو من الاراضي الاردنية فتقدم هذا اللواء على ثلاثة محاور تحت اسناد كثيف ومركز من المدفعية وتمكن من ايقاع الخسائر الكبيرة بقوات العدو المنسحبة وكانت خسائره بالارواح والمعدات فادحة بالرغم من السيطرة الجوية للعدو والتي قامت بغارات جوية كثيفة جداً استهدفت المواقع الدفاعية وحال دون تحقيق مآربها الارادة والايمان الراسخ بالهدف والعقيدة القتالية للدفاع عن الأرض.
انتهاء المعركة ونتائجها:
مع انتهاء احداث المعركة يكون العدو قد فشل تماما في هذه العمليات العسكرية دون ان يحقق أياً من الاهداف التي قام بهذه العملية من اجلها وعلى جميع المقتربات والمحاور وعاد يجر اذيال الخيبة والفشل فتحطمت الاهداف المرجوة من وراء معركة الكرامة أمام صخرة الصمود الاردني ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الاخرى وعلى تحطيم محاولات العدو المستمرة للنيل من الاردن وصموده واثبت الجندي الاردني أن روح القتال لديه نابعة من التصميم على خوض معارك البطولة والكرامة .
وفشل العدو في مخططاته والتي عرفت من الوثائق التي كانت لدى القادة الاسرائيليين وتركت في ساحة القتال وهي احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء فيها .
خسائر الطرفين :
أ . خسائر العدو :
الافــــراد : عدد القتلى 250 قتيلا
عدد الجرحى 450 جريحاً
الاليـــــات : تدمير 88 آلية مختلفة تمكن العدو من اخلائها وقد شملت 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن .
20 دبابة وآلية مختلفة بقيت في ارض المعركة
اسقاط 7 طائرات مقاتـلة
ب . قواتــــنا الباســــلة:
الافـــــــراد : عدد الشهداء 87 شهيدا
عدد الجرحى 108 جرحى
الاليــــــات تدمير13 دبابـــــة
تدمير 39 الية مختلفــة