زة- أسماء صرصور
كشفت الدراسات الطبية أن حركات البدن والرياضة مثل الصلاة تفيد النساء الحوامل ولكنها شديدة الضرر بالحائض، لأن المرأة المصلية عندما تؤدي السجود والركوع يزيد جريان الدم إلى الرحم، بالإضافة إلى أن خلية الرحم والمبيض شبيهة بخلية الكبد التي تجذب كثيرًا من الدماء.
إذ يحتاج رحم الحامل إلى الدماء الوفيرة لتغذية الجنين، وتصفية الملوثات من دمه، والصلاة أحد العوامل المساعدة لذلك، بينما الحائض فإنها إذا أدّت الصلاة فإنها تسبب اندفاع الدم بكثرة إلى رحمها، ما يؤدي إلى فقدانه ونزوله في دم الحيض، وذلك يعني أنها قد تتسبب في هلاك الجسم المناعي بجسمها، لأن كريات الدم البيضاء التي تقوم بدور مهم في المناعة تضيع عبر دماء الطمث المفقودة من الجسم.
المرأة خلال أيام الدورة الشهرية تمر بوضعٍ خاص على عدة أصعدة، فكيف يجب أن تتعامل مع ذاتها ، وكيف ينبغي أن يتصرف المجتمع المحيط بها من عائلة وبيئة عمل..حول هذا الموضوع الذي يهم معشر النساء، "فلسطين" ناقشت مختصين في مجالاتٍ مختلفة.
تخفيف العبء
د. أشرف ياسين – طبيب نساء وولادة – يقول: "إن شعور المرأة بالألم عادةً ما يسبق موعد الدورة الشهرية لها بأيام قليلة إما في منطقة البطن أو أسفل الظهر، حيث يكون لديها حالة من الانطوائية وعدم الارتياح، ويكون التغلب على هذه الآلام بتناول بعض المسكنات إن كان الألم لا يحتمل".
ويشير د. ياسين، في حديثه لـ "فلسطين" إلى أن المرأة التي تعاني من آلام في وقت الدورة الشهرية قد تكون عرضة للمشاكل الصحية ، "لذا يفضل أن تراجع الطبيب لمعرفة طبيعة الحالة والتغلب على الألم في المرات القادمة"، وفق قوله.
ويقول: "لابد من رفع معنوياتها في هذه الفترة، وتقديم العون لها وتخفيف الضغط عنها سواء كانت أما أو زوجة أو موظفة، وإعطائها مجالاً للراحة"، لافتًا النظر إلى أهمية تقليل نشاطها في هذه الفترة وعدم مساواتها بأي شخص عادي لا يعاني مما تعاني هي منه.
لا أصل شرعياً
من جانبه، يبين د. ماهر السوسي – رئيس لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية – أنه ثبتَ علميًا أن المرأة ترتفع لديها نسبة التوتر في هذه الأيام ولا تكون في حالة نفسية موائمة، لذا ينصح بعض الخبراء بألا تقوم بأي أعمال قد تكون خطرة عليها كقيادة السيارة، على سبيل المثال.
ويضيف د. السوسي، في حديثه لـ"فلسطين": "وأما فيما يتعلق بالأحكام الشرعية فمعروف لدى الجميع أن المرأة تعتزل الصلاة والصيام وقراءة القرآن الكريم ولمس المصحف والطواف والابتعاد عن الجماع"، مستشهدًا بقوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
ويشدد على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استوصى بالنساء خيرًا في جميع أحوالهن وبشكل عام، سواء كانت في أحسن حال أو تعاني من أي مرض، موضحًا أن المرأة خلال الدورة الشهرية تعاني من ارتباك في سلوكها ونوع من العصبية، فتحتاج إلى مزيد من الاستيعاب وطول البال والصبر في التعامل.
وينوه د. السوسي إلى ما توارد من عادات وتقاليد وأعراف هي منافية لتعاليم الإسلام، كرفض تناول الطعام الذي تعده الحائض باعتبار أنها تكون "نجسة" في هذه الأيام، مدللاً بما حدث أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما مر بالطريق وتنحى أحد الصحابة فسأله في اليوم التالي فأخبره أنه كان جنبًا، فنبهه الرسول إلى أنه لا ينجس حتى إن كان جنبًا.
ويقول: "لا أصل في الشريعة الإسلامية ولا في العقل والمنطق لما يعتقده البعض من هذه الأمور، كأن تمنع الحائض من زيارة المرأة المنجبة حتى لا "تكبس" طفلها الوليد، وتمنع من حضور تغسيل الميت وتوديعه"، متابعًا: "هذه من عادات الجاهلية الموروثة من اليهود المعتقدين بنجس المرأة الحائض والنفساء وقد حاربها الإسلام وهذا الأمر بحاجة حتى الآن إلى تثقيف وتوعية لدى جمهور الناس".
تشريعات قوانين العمل
من جهتها، تلفت د. منى صبحي – المتخصصة في القضايا التربوية والأسرية من جمهورية مصر العربية – إلى أن المرأة في هذه الظروف غير الصحية تعاني نفسيًا وجسمانيًا، وتحتاج إلى المساندة والدعم النفسي بسبب التغيرات الهرمونية.
وتلفت د. صبحي، في حديثها لـ "فلسطين"، إلى أن الألم يختلف من أنثى لأخرى حسب تقبل الجسم للتغيرات الحاصلة وضغط البيئة التي تعيش فيها المرأة، مبينةً أهمية مراعاة الحالة التي تمر فيها على صعيد العائلة والعمل والعلاقات الاجتماعية.
وتنصح بضرورة وجود تشريعات في قوانين العمل تراعي وضع المرأة خلال أيام الدورة الشهرية كنوع من الدعم والمساندة لها، مضيفةً: "تكون المرأة خلال أيام الشهر منتجة بشكل جيد، ولكن في هذه المدة بالذات يتراجع إنتاجها وقد يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا، نتيجة لعدم التركيز النفسي والاضطرابات التي تمر بها".
وتشير د.صبحي إلى أنه على مراكز وضع القرار الأخذ بالحسبان الحالة الصحية والنفسية التي تمر بها المرأة بشكل دوري، وعدم قدرتها على الإنتاج بذات الوتيرة التي تم الاعتياد عليها، على عكس الرجل الذي لا يعاني مما تعاني هي منه.
وتضيف: "شعور الإحباط والاكتئاب قد يكون مصاحبًا لها فلا تنتج في عملها، فقد يحصل لها توبيخ من إدارة العمل، ما يفقدها أحيانًا أعصابها فتنفعل وتسبب لنفسها ضررًا هي في غنى عنه"، موضحة أنه يمكن الاستعانة بخبراء في العلاقات الإنسانية لعقد محاضرات أو دورات لأصحاب المسؤولية في المؤسسات لشرح الوضع الإنساني الذي تحتاج إليه المرأة في هذا الوقت الشهري وتبرير تقصيرها.
وتقول: "يجب النظر في الأمر بطريقة عقلانية فيمكن من خلال التربية والثقافة تعويد الأنثى على درجة من التحمل لرفع قدرتها على تقبل الألم، وأن تكون متوازنة في ردة فعلها"، مبينة أهمية وجود مخفف للعبء عنها في المنزل، وعدم محاسبتها على التقصير الحاصل منها لما تمر به من تعب وألم.
أطعمة غنية بالحديد
من ناحيته، يقول د. ماهر نصار – خبير التغذية – أنه لابد خلال أيام الدورة الشهرية للمرأة مراعاة عدة أسس في البداية، هل هي متزوجة أم لا، وهل وزنها هو الوزن المثالي أو أعلى أو أقل، ومعرفة نسبة الدم لديها.
ويضيف د. نصار، في حديثه لـ"فلسطين": "إذا كانت نسبة الدم لديها أقل من 12 يجب تدعيمها بالأطعمة الغنية بالحديد أيام الدورة الشهرية لتعويض المفقود من الدم"، لافتًا النظر إلى أنها إن كانت تعاني من زيادة في الوزن فعليها تخفيف تناول النشويات، والعكس في حال كانت تعاني من نقص الوزن".
ويبين أن كثيراً من الفتيات من يلجأن لتناول المسكنات بهدف تخفيف الألم، منوهًا إلى أن الحل الأمثل تقليل تناولها، وإن كان الأمر ملحًا يكفي تناول "الأكامول" فقط، "والأفضل وضع "قربة" ماء ساخن على منطقة البطن"، وفق قوله.
المصدر: فلسطين أون لاين