دماغ المرأة يتغير أثناء الحمل

تنسى أكثر كلما اقترب موعد الولادة

وجدت دراسة جديدة حقيقة علمية للفكرة السائدة أن الحامل قد تعاني ضعفاً في الذاكرة . وذكرت الرابطة الأمريكية لعلم النفس أن الباحثين بجامعة “شابمان” في كاليفورنيا وجدوا أن أدمغة النساء تتغيّر خلال الحمل لكي تتمكن من التركيز على حاجات المولود، ما يتسبب بقلة في التركيز على الأمور الأخرى، مثل موضع مفاتيح السيارة على سبيل المثال . وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة لورا غلين، إن هذه التغييرات قد تأتي نتيجة التقلبات الكبيرة في هرمونات المرأة، والتحركات البسيطة للجنين .

أضافت أن “الحمل يعد فترة حرجة لتطوّر الجهاز العصبي المركزي عند الأمهات” . وذكرت أن خلايا من الجنين تتسرب إلى مجرى الدم عند الأم ما يؤثر في طريقة عمل دماغها .

ولفتت إلى أن الحركات البسيطة للجنين في رحم الأم ترفع معدل دقات قلب الأم أيضاً، وتؤثر في دماغها وتجعلها أكثر تحسساً .

وكانت دراسات سابقة قد توصلت إلى أن الحمل يضعف ذاكرة النساء .

وأظهرت إحدى هذه الدراسات التي ركزت على الحضور الذهني للحوامل أن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحياناً .

وذكر علماء من استراليا أن الأبحاث قادتهم لإثبات صحة هذه الظاهرة، التي قالوا إن تأثيرها محدود ويطال التفاصيل غير المعتادة أو الملحّة .

وقالت جوليا هنري، وهي إحدى العاملات على البحث من جامعة نيوساوث ويلز بسيدني: “ما وجدناه هو أن المجهود الذهني المرتبط بتذكر تفاصيل جديدة أو أداء مهام متعددة المراحل، يصاب باضطراب” .

وأضافت: “قد تعجز الحامل مثلاً عن تذكّر رقم جديد، لكنها ستستعيد بسهولة الأرقام القديمة التي كانت تطلبها على الدوام” .

وأضافت هنري أنها قامت بمساعدة الدكتور بيتر ريندل، بوضع هذه الدراسة بالاعتماد على تحليل 12 بحثاً شمل مسحاً لقدرات النساء الذهنية قبل الولادة وبعدها، وأشارت النتائج إلى احتمال استمرار حالة الاضطراب هذه بعد الولادة لعام كامل أحياناً، من دون أن تؤكد أن الوضع يتحسن بعد تلك الفترة بسبب الحاجة إلى المزيد من الأبحاث .

ولم تحدد الدراسة أسباب هذه الظاهرة، نظراً للحاجة إلى إجراء المزيد من الفحوص المخبرية المعمقة، وإن كانت قد استعرضت مجموعة من السيناريوهات المحتملة، وفي مقدمتها تبدل هرمونات الجسد والتغيّر السريع في نمط العيش، كما طرحت فرضية أن توق الحوامل للحياة الجديدة التي سيعشنها بعد الإنجاب يشغلهن عن التفاصيل اليومية، إلى جانب تأثير اضطرابات النوم التي تؤدي إلى ضعف الحضور الذهني . وفي بريطانيا وجدت دراسة أن ذاكرة الحامل تضعف بشكل خاص عند اقتراب الولادة .

وقالت الدكتورة “ دايان فارار” معدة الدراسة، من جمعية أمراض الغدد الصمّاء، إن النسيان وقلة التركيز ظاهرة شائعة تشكو منها الكثير من الحوامل، موضحة انه أن كلما كانت الحامل أقرب للولادة ضعفت قدرتها على التذكر، وحتى بعد الولادة فقد تواجه مشكلة مع ما يسمى الاعتراف بالذاكرة المكانية وهي تمتد لثلاثة أشهر إلى ما بعد الولادة .

وقالت فارار “إن السهو والنسيان ظاهرتان شائعتان عند الحوامل ولكن العلماء لم يتوصلوا إلى تحديد آلية فقدان تلك الذاكرة” .

وقامت فارار وزملاؤها بدراسة 23 حاملاً و24 امرأة عادية من غير الحوامل، وشاركت النساء في اختبارات على الكمبيوتر لتحديد مقدار التذكر لديهن عن طريق عرض بعض الأشياء التي رأينها من قبل .

وقد وجد الباحثون أن الحوامل كن الأسوأ، بل وكن يعانين الاكتئاب والقلق . قالت فارار: “إن التغيرات المزاجية التي تحدث أثناء وبعد الحمل لا شك في أنها مرتبطة بتغيرات هرمونية بحتة، ولكن هناك المزيد من بحوث الآثار العصبية للحمل تجرب الآن لتوجيه البحوث المستقبلية الخاصة بالحمل وتوفير المعلومات للنساء اللائي تشاركن رعاية الأمومة” .

ولاحظت فارار أن مزاج المرأة ومستوى قلقها يتحسنان بعد الحمل ما يشير إلى احتمال أن يكون هناك دور للهرمونات في ذلك .

وقد عرضت نتائج تلك الدراسة في مؤتمر جمعية الغد الصماء بمدينة مانشستر البريطانية .

وفي السياق نفسه يؤكد تقرير أمريكي لأطباء الأعصاب أن دماغ المرأة ينمو ويكبر لدى النساء خلال الحمل وبعد الإنجاب .

ويشير التقرير الذي نشره الاتحاد النفسي الأمريكي إلى أن عملية النمو تحدث وتتكاثر في القشرة الرمادية الدماغية المسؤولة عن التفكير والذكاء لدى النساء بعد الإنجاب، مع أن هذا التكاثر لا يحدث عادة عند اغلب الناس إلا عندما يتعلم الفرد بشكل كثيف، أو يتعرض لإصابات في الدماغ أو أمراض دماغية . ويؤكد التقرير أيضاً أن النساء اللواتي أنجبن أخيراً تحدث عندهن عملية النمو والتكاثر في مجالات عدة، منها مثلاً في نطاق اليهبوتالامس، أو ما يعرف بالمهاد، الذي له علاقة بالدوافع، أو في الجزء الأمامي من اللحاء الذي يقود عملية التبريرات والحكم على الأشياء .

ويرى اختصاصي الأعصاب غريف كينسلي وزميلته اليزابيت مييري من ميريلاند أن هذا الأمر يرتبط بالوضع الحياتي الجديد، فأغلب الأمهات بعد الولادة لا ينمن طوال الليل لانشغالهن بمتطلبات الرضيع، ويتعين عليهن التعامل بشكل صحيح مع ردود الفعل المختلفة التي تصدر عن الأطفال، وفي الوقت نفسه القيام بالواجبات التي كن يقمن بها قبل الولادة أثناء الوجود بين البالغين .

ولكن على النقيض من ذلك يرى أطباء أستراليون أن الحمل والولادة لا يتسببان في ضعف ذاكرة المرأة وليس لهما أي علاقة .

وحاول هؤلاء الأطباء في دراسة نشرت العام الماضي دحض الأقاويل القديمة التي اعتبرت الحمل هو المسؤول الأول عن ذلك الخلل الإدراكي الذي يصيب المرأة في فترة الحمل .

وقالت الدكتورة هلين كريستنساين من الجامعة الوطنية الأسترالية المسؤولة عن الدراسة إن الأسطورة القديمة التي تقول إن دماغ المرأة يتأثر بالحمل والأمومة، غير صحيحة نظراً إلى أن هذا الضعف قد ينتج عن التأقلم مع الشرود، الذي ينقل الاهتمام إلى الطفل .

وقالت هلين “إن جزءاً من المشكلة هو أن كتب إرشادات الحمل تخبر النساء أنهن على الأرجح سيعانين مشكلات في الذاكرة والتركيز، فيلجأ الناس إلى تحميل الحمل مسؤولية أي ضعف في الذاكرة” .

وبينت الدراسة التي شملت 1241 امرأة وأخضعن لفحوص ذاكرة على مدى 4 سنوات أن تركيز المرأة الحامل على جنينها، وكذلك التحضير للولادة من أهم العوامل التي تزيد من نسبة شرودها أثناء الحمل . غير أنها أكدت أنه لا يصح اعتبار ذلك “نقصاً إدراكياً”، داعية الأمهات وشركاءهن إلى عدم إلقاء مسؤولية أي ضعف عادي في الذاكرة على الحمل